قصة إختفاء مؤسسي شركة غوغل وأين هم الآن يا ترى؟
إختفاء مؤسسي شركة غوغل: في اليوم العاشر من أغسطس 2015 أعلن مؤسسو شركة غوغل لاري بايج وسيرغي برين أنهما سيبتعدان عن عمليات غوغل اليومية في الوقت الذي بدا فيه الأمر كما لو كان الإثنان ببساطة قررا الإستغناء عن مهامهم في الشركة التي أسسوها.
والسبب الرئيسي كما ذكر لاري وسيرغي هو للتركيز أكثر على الأعمال الخيرية والقضايا الإنسانية والشركات الأخرى التي يملكونها تماما كما فعل العديد من رواد الأعمال الأخرين في المجال التقني.
ومع ذلك, منذ تخلي الإثنين عن مهامهم في شركة غوغل, إختفوا كليا كما لو تركوا كوكب الأرض ليظهر ساندر بيتشاي كما لو أنه المؤسس الحقيقي لشركة غوغل, بعدما إرتفعت شعبيته لدرجة أنه أصبح يحظى بنفس شعبية لاري بايج وضعف شعبية سيرغي برين .
نظرة على تاريخ لاري بايج وسيرغي برين
إذا ألقينا نظرة على تاريخ لاري بايج وسيرغي برين في شركة غوغل, فسوف نرى بأنهم لم يطاردا الأضواء أبدا, وإذا عدنا إلى عام 1998 كان السيد لاري بايج الرئيس التنفيذي الأصلي لشركة غوغل عندما تم تأسيسها.
ولكن كان من الواضح منذ البداية أن لاري وسيرغي لا يملكان الخبرة الازمة لإدارة الشركة, ففي العام 2001 على سبيل المثال أراد لاري بيج طرد جميع مدراء المشاريع من شركة غوغل, لانه كان يعتقد أنه ينبغي ترك المهندسين على أجهزتهم الخاصة للحصول على أفضل النتائج وأن الضغط من الإدارة يخنق ببساطة عملهم.
بيننما قد ينجح ذلك في العالم المثالي, فمن الواضح أن هذا لم يكن قرار منطقيا أو واقعيا خاصة بالنسبة لشركة ناشئة بحاجة الى الدقة والتركيز.
إستقالة لاري بايج وتعيين إريك شميت رئيسا تنفيذيا
ومع ذلك بعدما تلقى العديد من الإنتقادات بسبب هذه الفكرة فهم لاري بايج عيوبه في مجال إدارة الأعمال, مما دفعه في نهاية المطاف للتخلي عن منصب الرئيس التنفيذي للشركة.
ولكنه لم يقرر ترك الشركة كما فعل ستيف جوبز إنما أصبح صديقا مقربا للرئيس التنفيذي الجديد للشركة وهو إريك شميت.
في الواقع لقد أصبح لاري بايج اليوم صديقا مقربا أكثر إلى إريك شميت من سيرغي برين الذي ساعده في تأسيس شركة غوغل.
عمل السيد إريك شميت في شركة غوغل لأكثر من 10 سنوات, قبل أن يقرر هو نفسه التخلي عن هذا المنصب بعد ما أصبح متأكدا من أن الشركة لم تعد بحاجة إلى خبراته الإدارية, ليصبح لاري بايج مرة أخرى هو الرئيس التنفيذي لشركة غوغل في العام 2011.
ومع ذلك هذا لم يدم طويلا, لأن هذا الأخير قرر بنفسه التخلي عن منصب الرئيس التنفيذي في العام 2015.
لاري بايج والشهرة
السبب الذي دفعنا لسرد هذه القصة, إظهار أنه خلال إنخراط كل من لاري بايج وسيرغي برين في أعمال غوغل, كان لاري هو الرئيس التنفيذي للشركة لفترة قصيرة جدا في حين لم يشغل سيرغي هذا المنصب أبدا, وهذا ما يتناقض بشكل صارخ مع مؤسسي الشركات الأخرى الذين يحبون أن يكون لديهم أقصى قدر من التحكم وأن يكونوا محور الإهتمام.
ما نعنيه هنا هو أنه وعلى الرغم من أنهم أسسوا شركة غوغل فمن الواضح أنهم لم يطاردوا الشهرة أثناء تواجدهم في الشركة ك إيلون ماسك مثلا, لذلك من المنطقي أنهم لم يطاردوا الأضواء بعد مغادرتهم لها .
بصرف النظر عن السعادة في العمل وراء الكواليس, فقد كان كل من لاري وسيرغي حريصون جدا على إبقاء حياتهم الشخصية خاصة قدر الإمكان, فلم يكن اي منهم ينشط في وسائل التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك وانستغرام وتويتر ويوتيوب.
لدرجة أن سيرغي برين قال ذات مرة, بأن إشرافه على الشبكة الإجتماعية غوغل بلس كان خطأ لأنه ليس شخصا إجتماعيا كثيرا.
لذلك أنت بلا شك لن ترى قيمة عملة الدوجكوين أو بيتكوين ترتفع كالصاروخ بسبب تغريدة من سيرغي برين أو لاري بايج.
رؤوية لاري بايج
في عام 2013 كشف لاري بايج عن رؤيته طويلة المدى لشركة غوغل, وهذا لوحده من شأنه أن يوضح أن لاري بايج لم
يكن على وفاق مع المساهمين على الإطلاق , فقد كان لاري يرغب بإنشاء شيء يدعى جزيرة غوغل, وكما يوحي الإسم
فقد كان لاري يرغب في أن تعمل شركة غوغل كما لو كانت جزيرة.
وهذا ما يعني الإستغناء عن المساهمين في الشركة والمصالح الحكومية, لست متأكدا كيف كان يتوقع لاري أن تكون
ردة فعل الجمهور , فربما كان يعتقد بأنهم سوف يدعمون هدفه المتمثل في التركيز على الإبتكار أكثر من الأرباح.
ولكن عكس ذلك هو ما حصل بحيث ضحك عليه الجمهور وضحكت عليه الصحافة أيضا, لدرجة أن بعض المنابر
الإعلامية قالت بأن هذا المقترح دليل على أن أصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا منفصلون تماما عن الواقع.
منذ ذلك الحين تم طمس فكرة مشروع غوغل أيلاند, ولكن حقيقة تعرض لاري للسخرية من قبل الجمهور والصحافة
توضح بأن لاري بايج ولا سيرغي برين كانوا يتحكمون في شركة غوغل,
بالرغم من أنهم كاموا يملكون 51% من أسهم التصويت في الشركة, مما يمنحهم تقنيا إمكانية القيام بأي شيء يريدونه,
إلا أن القيام بشيء خاص بك لا يرضي بالضرورة المساهمون, وهذا النقص ربما دفعهم لترك الشركة .
تنحي لاري بايج وسيرغي برين من شركة غوغل
ولكن ينبغي الإشارة إلى أن مستقبل غوغل لم يكن الشيء الوحيد الذي لعب دورا في تنحي الثنائي , فهناك أيضا عامل رئيسي أخر دفع الإثنين لمغادرة الحياة العامة وهو عامل شخصي هذه المرة.
في الواقع فقد أصيب لاري بايج في العام 2012 بشلل على مستوى الحبال الصوتية, مما فرض عليه التعامل مع مشاكل الصوت طيلة حياته, ولكن الوضع أصبح أكثر سوءا في العام 2012, عندما أصبح صوته منخفضا جدا مما دفعه لتجنب الحديث أمام الكاميرات والمؤتمرات والفعاليات.
وفي هذه الأثناء تلقى سيرغي برين صفعة على مستوى العلاقات العامة بعدما تبين في العام 2014 أنه كان على
علاقة غرامية مع موظفة في شركة غوغل تدعى أماندا روسنبرغ مع العلم أن سيرغي كان متزوجا وكانت أخت زوجته
سوزان تدير موقع اليوتيوب.
كان لاري بايج صديقا مقربا لسرغي, ورأى علاقة سيرغي مع زوجته تكبر أمام عينيه وبالتالي كانت هذه الحادثة غير
متوقعة بالنسبة إليه وبدأ منذ ذلك الحين ينتقد صديقه المقرب سيرغي, وتوقف عن التحدث معه, ولا يبدو أن لاري بيج سامحه على ذلك منذ ذلك الحين إلى غاية الأن.
لحسن حظ سيرغي أنه كان يملك حصة كبيرة في شركة غوغل مما يكفي لإنقاذه من مقصرة الإقالة.
ولكنني أتخيل أن كل هذه الأحداث جعلت حضوره في الأحداث العامةأمرا محرجا بالنسبة إليه, وقد يكون هذا إحدى الأسباب الرئيسية التي دفعته للخروج من شركة غوغل.
عموما يبدو أن لاري وسيرغي قرروا ترك شركة غوغل بعدما إتضح لهم أنها خرجت عن سيطرتهم ولم يعد بإمكانهم قيادتها للطريق الذي كانوا يهدفون إليه منذ البداية,
ومنحوا مهمة التعامل مع كافة قضايها للسيد ساندرد بيشاي.
ما بعد شركة غوغل
وقد قرر السيد لاري بايج تركيز معظم وقته على السيارات الطائرة, بحيث إستثمر في عدة سيارات طائرة ويبدو أنه متفائل جدا حول مستقبل الطيران.
وهناك تقارير أخرى تشير أيضا إلى أن لاري بايج يقضي مقدار كبيرا من وقته في جزيرة خاصة في الكاريبي.
أما سيرغي برين فليس هناك معلومات عنه بإستثناء أنه ظهر بشكل مفاجئ في شهر يناير 2017 خلال إحتجاج ضد قرار دونلاد ترامب حول موضوع الهجرة.
ومع ذلك لا يزال لاري وسيرغي يملكان 51% من الأسهم المصوتة في شركة ألفابيت التي أصبحب الشركة الأم لغوغل وهذا يمنحهما من الناحية الفنية فرصة العودة إلى الشركة وتغيير مسارها إذا أرادو ذلك.
تجدر الإشارة إلى أن الإثنين قد باعوا مؤخرا مليار سهم وهي أول عملية بيع لهما منذ العام 2017 , لذلك يبدو أن الإثنين ذاهبون لمنح شركة غوغل حرية القيام بما تريده سواء كان شيئا جيدا أو سيئا
فهل تعتقدون بأن لاري وسيرغي سيعودون يوما إلى غوغل ؟